فصل: قال الألوسي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال الألوسي:

{قُلْ إِنَّنِى هَدَانِى رَبّى} أمر له صلى الله عليه وسلم بأن يبين ما هو عليه من الدين الحق الذي يدعي المفرقون أنهم عليه وقد فارقوه بالكلية، وتصدير الجملة بحرف التحقيق لإظهار كمال العناية بمضمونها، والتعرض لعنوان الربوبية مع الإضافة إلى ضميره عليه الصلاة والسلام لما مر غير مرة أي قل يا محمد لهؤلاء المفرقين أو للناس كافة: أرشدني ربي بالوحي وبما نصب في الآفاق والأنفس من الآيات {إلى صراط مُّسْتَقِيمٍ} موصل إلى الحق.
وقوله سبحانه: {دِينًا} بدل من محل {إلى} إذ المعنى فهداني صراطًا نظير قوله تعالى: {عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صراطا مُّسْتَقِيمًا} [الفتح: 2] أو مفعول فعل مضمر دل عليه المذكور أي هداني أو أعطاني أو عرفني دينًا، وجوز أن يكون مفعولًا ثانيًا للمذكور.
وقوله سبحانه: {قَيِّمًا} مصدر كالصغر والكبر نعت به مبالغة.
وجوز أن يكون التقدير ذا قيم، والقياس قومًا كَعِوَض وحِوَل، فأَعِلَّ تبعًا لإعلال فعله أعني قام كالقيام.
وقرأ كثير {قَيِّمًا} وهو فيعل من قام أيضًا كسيد من ساد وهو على ما قيل أبلغ من المستقيم باعتبار الهيئة والمستقيم أبلغ منه باعتبار مجموع المادة والهيئة، وقيل: أبلغية المستقيم لأن السين للطلب فتفيد طلب القيام واقتضاءه، ولا فرق بين القيم والمستقيم في أصل المعنى عند الكثير، وفسروا القيم بالثابت المقوم لأمر المعاش والمعاد، وجعلوا المستقيم من استقام الأمر بمعنى ثبت وإلا لا يتأتى ما ذكر، وقيل: المستقيم مقابل المعوج والقيم الثابت الذي لا ينسخ.
{مِلَّةِ إبراهيم} نصب بتقدير أعني أو عطف بيان لدينًا بناء على جواز تخالف البيان والمبين تعريفًا وتنكيرًا {حَنِيفًا} أي مائلًا عن الأديان الباطلة أو مخلصًا لله تعالى في العبادة وهو حال من إبراهيم، وقد أطبقوا على جواز مجيء الحال من المضاف إليه إذا كان المضاف جزءًا منه أو بمنزلة الجزء حيث يصح قيامه مقامه.
والعامل في هذه الحال هو العامل في المضاف.
وقيل: معنى الإضافة لما فيه من معنى الفعل المشعر به حرف الجر، وقد تقوى هذا المعنى هنا بما بين المتضايفين من الجزئية أو شبهها.
وجوز أن يكون مفعولًا لفعل مقدر أي أعني حنيفًا.
{وَمَا كَانَ مِنَ المشركين} اعتراض مقرر لنزاهته عليه الصلاة والسلام عما عليه المبطلون، وقيل: عطف على ما تقدم.
وفيه رد على الذين يدعون أنهم على ملته عليه الصلاة والسلام من أهل مكة القائلين: الملائكة بنات الله واليهود القائلين: عزيز ابن الله والنصارى القائلين: عيسى ابن الله. اهـ.

.قال ابن عاشور:

{قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (161)} استئناف ابتدائي للانتقال من مجادلة المشركين، وما تخلّلها، إلى فذلكة ما أُمر به الرّسول صلى الله عليه وسلم في هذا الشّأن، غَلقًا لباب المجادلة مع المعرضين، وإعلانًا بأنّه قد تقلّد لنفسه ما كان يجادلهم فيه ليتقلّدوه وأنَّه ثابت على ما جاءهم به، وأنّ إعراضهم لا يزلزله عن الحقّ.
وفيه إيذان بانتهاء السّورة لأنّ الواعظ والمناظر إذا أشبع الكلام في غرضه، ثمّ أخذ يبين ما رَضِيه لِنفسه وما قَرّ عليه قَراره، علم السّامع أنَّه قد أخذ يطوي سجلّ المحاجّة، ولذلك غيّر الأسلوب.
فأمر الرّسول صلى الله عليه وسلم بأن يقول أشياء يعلن بها أصول دينه، وتكرّر الأمر بالقول ثلاث مرّات تنويهًا بالمقول.
وقوله: {إنني هداني ربي} متصل بقوله: {وأنّ هذا صراطي مستقيمًا فاتبعوه} [الأنعام: 153] الذي بيّنه بقوله: {وهذا كتاب أنزلناه مبارك} [الأنعام: 92] فزاده بيانًا بقوله هذا: {قل إنني هداني ربي إلى صراط مستقيم}، ليبيّن أنّ هذا الدّين إنَّما جاء به الرّسول صلى الله عليه وسلم بهدي من الله، وأنَّه جعله دينًا قيّمًا على قواعد ملّة إبراهيم عليه السّلام، إلاّ أنَّه زائد عليه بما تضمّنه من نعمة الله عليه إذ هداه إلى ذلك الصّراط الذي هو سبيل النّجاة.
وافتُتح الخبر بحرف التّأكيد لأنّ الخطاب للمشركين المكذّبين.
وتعريف المسند إليه بالإضافة للاعتزاز بمربوبية الرّسول صلى الله عليه وسلم للَّه تعالى، وتعريضًا بالمشركين الذين أضلّهم أربابهم، ولو وحّدوا الربّ الحقيق بالعبادة لهداهم.
وقوله: {هداني ربي إلى صراط مستقيم} تمثيليّة: شبّهت هيئة الإرشاد إلى الحقّ المبلّغ إلى النّجاة بهيئة من يدلّ السّائر على الطّريق المبلّغة للمقصود.
والمناسبة بين الهداية وبين الصّراط تامّة، لأنّ حقيقة الهداية التّعريف بالطّريق، يقال: هو هاد خِرّيت، وحقيقة الصّراط الطّريق الواسعة.
وقد صحّ أن تستعار الهداية للإرشاد والتّعليم، والصّراطُ للدين القويم، فكان تشبيهًا مركّبًا قابلًا للتفكيك وهو أكمل أحوال التّمثيليّة.
ووُصف الصّراط بالمستقيم، أي الذي لا خطَأ فيه ولا فساد، وقد تقدّم عند قوله تعالى: {وأنّ هذا صراطي مستقيمًا فاتبعوه} [الأنعام: 153]، والمقصود إتمام هيئة التّشبيه بأنَّه دين لا يتطرّق متّبعه شكّ في نفعه كما لا يتردّد سالك الطّريق الواسعة التي لا انعطاف فيها ولا يتحيَّر في أمره.
وفي قوله: {دينًا} تجريد للاستعارة مؤذن بالمشبّه، وانتصب على الحال من: {صراط} لأنَّه نكرة موصوفة.
والدّين تقدّم عند قوله تعالى: {إن الدِّين عند الله الإسلام} [آل عمران: 19] وهو السّيرة التي يتّبعها النّاس.
والقَيِّم بفتح القاف وتشديد الياء كما قرأه نافع، وابن كثير، وأبو عمرو، وأبو جعفر، ويعقوب: وصف مبالغة قَائم بمعنى معتدل غير معوج، وإطلاق القيام على الاعتدال والاستقامة مجاز، لأنّ المرء إذا قام اعتدلت قامته، فيلزم الاعتدال القيام.
والأحسن أن نجعل القيم للمبالغة في القيام بالأمر، وهو مرادف القيّوم، فيستعار القيام للكفاية بما يحتاج إليه والوفاء بما فيه صلاح المقوّم عليه، فالإسلام قيّم بالأمّة وحاجتها، يقال: فلان قيّم على كذا، بمعنى مدبّر له ومصلح، ومنه وصف الله تعالى بالقيُّوم، وهذا أحسن لأنّ فيه زيادة على مفاد مستقيم الذي أخذ جزءًا من التّمثيليّة، فلا تكون إعادة لبعض التّشبيه.
وقرأ عاصم، وحمزة، وابن عامر، والكسائي، وخلف: {قيمًا} بكسر القاف وفتح الياء مخفّفة وهو من صيغ مصادر قام، فهو وصف للدّين بمصدر القيام المقصودِ به كفاية المصلحة للمبالغة، وهذه زنة قليلة في المصادر، وقَلْبُ واوه ياء بعد الكسرة على غير الغالب: لأنّ الغالب فيه تصحيح لامِه لأنَّها مفتوحة، فسواء في خفّتِها وقوعها على الواو أو على الياء، مثل عِوَض وحِوَل، وهذَا كشذوذ جياد جمع جواد، وانتصب {قيمًا} على الوصف ل {دينا}.
وقوله: {ملة إبراهيم} حال من: {دينًا} أو من: {صراط مستقيم} أو عطفُ بيان على {دينًا}.
والملّة، الدّين: فهي مرادفة الدين، فالتَّعبير بها هنا للتَّفنّن ألا ترى إلى قوله تعالى: {ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب يا بني إن الله اصطفى لكم الدين} [البقرة: 132].
و{ملّة} فِعْلة بمعنى المفعول، أي المملول، من أمللت الكتاب إذا لقَّنت الكاتب ما يَكتب، وكان حقّها أن لا تقترن بهاء التّأنيث لأنّ زنة (فِعْل) بمعنى المفعول تلزم التّذكير، كالذِّبح، إلاّ أنَّهم قرنوها بهاء التّأنيث لما صيّروها اسمًا للدّين، ولذلك قال الرّاغب: الملّة كالدّين، ثمّ قال: والفرق بينها وبين الدّين أنّ الملّة لا تضاف إلاّ إلى النَّبيء الذي تسند إليه نحو ملّة إبراهيم، ملّة آبائي، ولا توجد مضافة إلى الله ولا إلى آحاد الأمّة، ولا تستعمل إلاّ في جملة الشّريعة دون آحادها لا يقال الصّلاة ملّة الله أي ويقال: الصّلاةُ دين الله ذلك أنَّه يراعى في لفظ الملّة أنَّها مملول من الله فهي تضاف للّذي أُمِلَّت عليه.
ومعنى كون الإسلام ملّةَ إبراهيم: أنَّه جاء بالأصول التي هي شريعة إبراهيم وهي: التّوحيد، ومسايرة الفطرة، والشّكر، والسّماحة، وإعلان الحقّ، وقد بيَّنتُ ذلك عند قوله تعالى: {ما كان إبراهيم يهوديًا ولا نصرانيًا ولكن كان حنيفًا مسلمًا} في سورة آل عمران (67).
والحنيف: المُجانب للباطل، فهو بمعنى المهتدي، وقد تقدّم عند قوله تعالى: {قل بل مِلَّة إبراهيم حنيفًا وما كان من المشركين} في سورة البقرة (135).
وهو منصوب على الحال.
وجملة: {وما كان من المشركين} عطف على الحال من {إبراهيم} عليه السّلام المضاف إليه، لأنّ المضاف هنا كالجزاء من المضاف إليه، وقد تقدّم في آية سورة البقرة. اهـ.

.قال الشعراوي:

{قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (161)}
و{دينًا قيمًا} أي تقوم عليه مسائل الحياة، وهو قائم بها، و{قيمًا} مأخوذة من القيمة أو من القيام على الأمر، وقام على الأمر أي باشره مباشرة من يصلحه، كذلك جاء الدين ليصلح للناس حركة حياتهم بأن أعطاهم القيم، وهو قائم عليهم أيضًا: {دِينًا قِيَمًا مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا}.
وفي كل أمر مهم له خطره ومنزلته يأتي لنا الحق بلمحة من سيرة سيدنا إبراهيم عليه السلام، لأنه صلوات الله وسلامه على نبينا وعليه فيه القدر المشترك الذي يجمع كفار مكة، وأهل الكتاب الذين يتمحكون فيه. فقالت اليهود: إبراهيم كان يهوديًّا، وقالت النصارى: إن إبراهيم كان نصرانيًّا، وربنا يقول لهم ولنا: {مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلاَ نَصْرَانِيًّا وَلَكِن كَانَ حَنِيفًا مُّسْلِمًا...} [آل عمران: 67]
واليهودية والنصرانية جاءتا من بعده. أما بالنسبة للجماعة الأخرى ففي بيئتهم، وكل حركات حياتهم، وتجاربهم ونفعهم من آثار إبراهيم عليه السلام ما هو ظاهر وواضح. يقول الحق: {رَّبَّنَا إني أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ المحرم رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصلاة فاجعل أَفْئِدَةً مِّنَ الناس تهوي إِلَيْهِمْ...} [إبراهيم: 37]
فسيدنا إبراهيم هو الذي رفع القواعد من البيت الحرام، وهو الذي عمل لهم مهابة جعلت تجاربهم تذهب إلى الشمال وإلى الجنوب ولا يتعرض لها أحد، وجاءت لهم بالرزق الوفير. وحين يقول الحق: {دِينًا قِيَمًا مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ المشركين} [الأنعام: 161]
المقصود هو الدين الذي تعيشون في كنف خيرات آثاره، والحنف هو اعوجاج في القدم. وبطبيعة الحال لم يكن دين إبراهيم مائلًا عن الحق والصواب بل هو مائل عن الانحراف دائم الاستقامة. ونعرف أن الرسل إنما يجيئون عند طغيان الانحراف، فإذا جاء إبراهيم مائلًا عن المنحرف؛ فهو معتدل. اهـ.

.التفسير المأثور:

قال السيوطي:
{قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (161)}
أخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ {دينًا قيمًا} بكسر القاف ونصب الياء مخففة.
وأخرج أحمد وأبو الشيخ وابن مردويه عن ابن ابزى عن أبيه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أصبح قال: «أصبحنا على فطرة الإِسلام، وكلمة الإخلاص، ودين نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وملة أبينا إبراهيم حنيفًا وما كان من المشركين، وإذا أمسى قال ذلك». اهـ.

.فوائد لغوية وإعرابية:

قال ابن عادل:
قوله: {دِينًا}: نَصْبُه من أوْجُه:
أحدها: من نصب على الحال، قال قُطْرُب وقيل: إنَّه مصدر على المَعْنَى، أي: هَدَانِي هدايةَ دينٍ قيِّم، أو على إضْمَار: عَرَّفَنِي دينًا أو الْزَمُوا دِينًا.
وقال أبُوا لبقاء- رحمه الله عليه: إنه مفعُول ثانٍ لـ {هَدَاني} وهو غَلَطٌ؛ لأنَّ المَفْعُول الثَّاني هُنَا هو المَجْرُور بـ {إلى} فاكتُفِي بِهِ.
وقال مكِّي- رحمه الله تعالى عليه: إنَّهُ منصُوبٌ على البدل من محلِّ إلى صِراطٍ مُسْتقيمٍ.
وقيل: بـ {هَدَانِي} مقدِّرة لدلالة {هَدَانِي} الأوَّل عليها وهو كالذي قَبْلَه في المعنى.
قوله: {قِيمًا} قرأ الكُوفيُّون، وابن عامِر: بكسر القافِ وفتح الياء خفيفة، والباقون بفَتْحِها، وكَسْر اليَاء مشدَّدة، ومعناه: القَوِيم المُسْتَقِيم، وتقدَّم تَوْجِيه إحْدى القراءتَيْن في النِّسَاءِ والمَائِدة.
قال الزَّمَخْشَري- رحمه الله عليه: القيم: فَيْعِل من قام كسيِّد من سَادَ، وهو أبْلغُ من القَائِم.
وأمَّا قِرَاءة أهْلِ الكُوفَة فقال الزَّجَّاج- رحمه الله عليه: هو مَصدر بمعنى: القيَام، كالصِّغَر والكِبر والجُوع والشبع، والتَّويل: دينًا ذا قَيِم، ووصف الدِّين بهذا المَصْدر مُبالغة.
قوله تعالى: {مِلَّة} بدلًا من {دينًا} أو مَنْصُوبٌ بإضْمار أعني، و{حنيفًا} قد ذكر في البقرة والنساء.
والمعنى: هداني وعرَّفَنِي ملَّة إبراهيم حال كَوْنِها موصُوفة بالحنيفيَّة، ثم وصف إبراهيم- عليه الصلاة والسلام- بقوله: {وما كان من المُشْركين} والمقْصُود منه: الردُّ على المُشْرِكين. اهـ.

.من لطائف وفوائد المفسرين:

من لطائف القشيري في الآية:
قال عليه الرحمة:
{قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (161)}
أرشده إلى الطريق الصحيح. ولا يكون الإرشاد إليه إلا بانسداد الطرق أجمع إلى سواه. ومَنْ وَجَدَ سبيلًا إلى مخلوق عرج في أوطان الحسبان لأن الأغيار ليس لها من الإبداع شظية، ومن سلك إلى مخلوق سبيلًا وأبرم فيهم تأميلًا أو قدَّم عليهم تعويلًا، فقد استشعر تسويلًا، وجُرِّعَ تضليلًا.
والصراط المستقيم ألاَّ ترى من دونه مثبتًا لذرةٍ ولا سنة.
والدين القيم ما لا تمثيلَ فيه ولا تعطيل، ولا نفي للفَرْقِ الذي يشير إلى العبودية، ولا رد للجمع الذي هو شهود الربوبية.
والحنيف المائل إلى الحق، الزائغ عن الباطل، الحائل عن ضد الحقيقة. اهـ.